أخبار مهمةالأوقافعاجل

القضاء الادارى فى حكم ساطع لتجديد الخطاب الدينى فى العالم العربى والاسلامى

الإفتاء في أمور الدين محظور على الجهلاء وغير المتخصصين والمغرضين إجلالا لصحيح الدين 

اختصاص العلماء  بتجديد الخطاب الديني يقتضي تفاعلهم مع المجتمع  فلا قداسة فى الإسلام  

المحكمة تفجر مفاجأة من العيار الثقيل : هناك فراغ تشريعي وليس شرعيا  في تعريف المجتهد وعلى المشرع إيجاد تنظيم تشريعي عاجل لعملية الإفتاء في المجتمع المصري 

المحكمة تحدد 9 ركائز لآليات تجديد الخطاب الديني يتعين على العلماء معالجتها على قمتها قصره على الفروع دون المساس بالثوابت وتحديد مفهوم الوطن والمقاصد العليا للإسلام 

مصر تتحمل مسئولية خاصة مع شقيقاتها العربية والإسلامية لتحديد آلية مشتركة لتجديد الخطاب الدينى تصديا للتخلف والإرهاب

ووزير الأقاف يؤكد : حكم تاريخي وضع الأمور في نصابها

وسندرسه بعناية في منطلقنا نحو التجديد ونجعله ركيزة لمؤتمرنا القادم

وهو بحث علمي رصين ومتكامل جمع إلى عمق القانون روح الشريعة السمحة التي نحتاج إلىها في مواجهة الإرهاب والتطرف والتشدد  والغلو والتسيب والتفريط ، وقد راعى الحكم البعد الوطني وريادة مصر العربية الإسلامية

كتب :

فى حكم  ساطع  يؤكد الدور الخلاق لمبادئ القضاء الإدارى المصرى فى إرساء قيم الحق والعدل فى أدق قضايا الوطن المصرى خاصة والعربى عامة , حسمت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة صباح اليوم برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة  قضية  تجديد الخطاب الدينى فى العالم العربى والاسلامى , واصدرت حكما اكدت فيه على ان الدعوة الاسلامية هى دعوة ملهمة لتطهير الروح والعقل والنفس والوجدان ضد التكفير والتعصب المذهبى والطائفى والعنف الدموى ومحاولات تلويث ساحة الافتاء  , وايدت فيه قرار وزير الاوقاف السلبى بالامتناع عن  تجديد تصريح الخطابة الممنوح لاحد المنتمين الى التيارات الدينية  المتشددة بمحافظة البحيرة استنادا الى  السلطة التقديرية المعقودة لوزير الاوقاف المحددة لاساليب تجديد الخطاب الدينى واكدت فيه على اختصاصوزارة الاوقاف بالقيام بالنشاط الدعوى الدينى فى مصر والعالم العربى والاسلامى لتبيان صحيح الدين , وحظرت المحكمة على غير المتخصصين والجهلاء والمغرضين افتاء الناس فى امور الدين لما فيه من اساءة للاسلام الصحيح وقصرت المحكمة تجديد الخطاب الدينى على الفروع فحسب دون ثوابت الدين وفجرت المحكمة مفاجأة من العيار الثقيل  بان المشرع الوضعى لم يضع تعريفا للمجتهد بما مؤداه ان هناك فراغا تشريعيا وليس شرعيا فى هذا الشأن ودعت المشرع الى ايجاد تنظيم تشريعى عاجل لعملية الافتاء فى المجتمع المصرى لتلافى الاثار السيئة واحداث البلبلة فى نفوس العامة واناطت المحكمة بعلماء الاوقاف والازهر الشريف بتجديد الثقافة الاسلامية وتجريدها من اثار التعصب الدينى الناجم عنه الانحراف فى الفكر المذهبى والسياسى وان الاسلام لم يعرف ما يسمى بالفريضة الغائبة فى تكفير المسلم وقتل البشر باسم الدين , ,كما اشارت المحكمة الى انه فى المسائل الخلافية التى تتعد فيها اراء العلماء لا يجوز ان ينفرد فيها فقيه واحد وان السبيل الوحيد هو الاجتهاد الجماعى لترجيح الاراء وانتهت المحكمة الى تحديد 9 ركائز اساسية يجب على علماء الاوقاف والازهر الشريف علاجها  تدور حولها اساليب واليات تجديد الخطاب الدينى وان دورهما يتكاملان ولا يتنافران واكدت المحكمة انه ان لم تتحد الدول الاسلامية والعربية خاصة الخليجية منها مع مصر فى العمل على تجديد الخطاب الدينى الصحيح والاصطفاف معها , فسوف ينالها لا محالة قدر من هذا التطرف والارهاب فهو بلا وطن , وحتى ينكشف للامة الاسلامية والعربية من يريد بها سوءا , ومن ينقلب على مصر فلن يضر الله بها شيئا.

منطوق الحكم 

وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين صالح كشك ووائل المغاوى نائبى رئيس مجلس الدولة بتأييد قرار وزير الاوقاف السلبى بالامتناع عن تجديد تصريح الخطابة الممنوح لاحد المنتمين الى التيارات الدينية  بمحافظة البحيرة  باعتباره من بين السلطة التقديرية المعقودة لوزير الاوقاف المحددة لاساليب تجديد الخطاب الدينى والزمت المدعى المصروفات

قالت المحكمة ان من واجبها ان تسجل فى هذه الدعوى التى كشفت عن ان المخالفة المنسوبة للمدعى للامتناع عن تجديد الترخيص له بمباشرة الخطابة  انما تتصل مباشرة  باحدى اساليب تجديد الخطاب الدينى الذى بات المشكلة الكبرى لكافة الاقطار العربية والاسلامية ومصر فى قلبها النابض , وبحسبان ما قررته وزارة الاوقاف  ان المدعى خالف موضوع الخطبة المحدد من قبل وزارة الاوقاف وهو ” الاسلام دين الامن والامان لا للبلطجة ولا للارهاب ” وهى خطة الوزارة فى احكام لغة الخطاب الدينى , وهى احدى المشكلات المتصلة باساليب تجديد الخطاب الدينى , مما يقتضى من المحكمة – بحسبانها جزء  من نسيج هذا الوطن – ان تكشف النقاب عن الداء وان تضع له الدواء لمن يرغب الشفاء .

                                    المجتمع الدولى يمر بأزمة حقيقية من دعاة الارهاب والتشدد وقتلة الانسانية 

واضافت المحكمة ان المجتمع الدولى بأسره بات يمر بأزمة حقيقية مصيرية لشعوب العالم نتيجة دعاة الارهاب والعنف والتشدد وقتلة الانسانية الذين يستغلون الدين لتحقيق ماربهم الدنيئة التى استشرت فى بعض الدول العربية والافريقية والاسلامية وتتحمل مصر باعتبارها الرائدة فى العالم العربى والاسلامى محاربة هذا الارهاب بل لم تسلم دول اوروبا ومنها امريكا وفرنسا على سبيل المثال من ان ينالها شطر من هذا الارهاب الاسود , ولا مرية فى ان اساس هذا الفكر الارهابى ايا كانت مسمياته تنبثق من المفاهيم المغلوطة عن اصول الدين ووسطية الاسلام المستنير , وهم عن صحيح الدين الاسلامى معرضون , وقد ظنوا انه بارهابهم لغالبون , ألا بئس ما ظنوا وخاب ما كانوا يؤملون , انهم لشرذمة قليلون , وباتت شعوب الدول من ارهابهم لحذرين , بعد ان عبدوا مفاهيم خاطئة فظلوا لها عاكفين , وعن مفاهيم صحيح الدين ضالين , وقد اضلوا بشباب برئ  من كل واد فى الدنيا يهيمون , وما اضلهم الا المجرمون , وهم الذين بارهابهم يفسدون فى الارض ولا يصلحون , ولن يرتدعوا عن غفلتهم حتى يذيقوا من عقاب القانون الدنيوى عن فعلهم الاثيم , فضلا عما ينتظرهم من العقاب الاخروى الاليم .

الارهاب والتشدد لم يعد قاصرا على دول العالم الثالث بل انتقل الى عدة دول حتى المتقدم منها والمستقر , والارهاب لا دين له ولا وطن ,

وذكرت المحكمة  ان الازمة المصيرية لشعوب العالم من دعاة التشدد باسم الدين وما يصاحبه من عنف وارهاب من الجماعات المتطرفة التى تستبيح الدماء والاموال لتفسد فى الارض , يقتضى الاسراع فى تشخيص الداء ووصف الدواء لمن يرغب الشفاء خاصة وان هاجس عدوى الارهاب والتشدد لم يعد قاصرا على دول العالم الثالث بل انتقل الى عدة دول حتى المتقدم منها والمستقر , ذلك ان الارهاب لا دين له ولا وطن , ويتعاعظم هذا الدور مع تطور التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال التى جعلت من العالم الفسيح قرية صغيرة تعرف فى الحال ما يدور فى اخواتها , ولما كان للنشاط الدعوى لوزارة الاوقاف تعاونا مع  الازهر الشريف دورا جوهريا عالميا  ليس فى مصر فحسب بل فى كافة اقطار العالم اجمع , لذا كان دورهما مضاعفا ومسئوليتهما كبرى ازاء المواجهة الفكرية لما يحدث من ارهاب نتيجة استقطاب الجهلاء باحكام الدين , ويتوجب عليهما ان يبحثا بعلمائهما المتميزين كيفية تجديد الخطاب الدينى بطريقة تتناسب وروح العصر للرسالة الصالحة لكل زمان ومكان , فريادة مصر للعالم الاسلامى , لم تكن ريادة فى تقدم العلوم الدينية فحسب بل هى فى المقام الاول ريادة تصحيح للمفاهيم المغلوطة لاعداء الدين عن حقيق الدين الاسلامى المستنير الذى بعث نبيه ليكون رحمة للعالمين.

             باب الاجتهاد فى الشريعة الاسلامية يقتضى ان يظل  مفتوحا لا يوصد بحسبانها الشريعة الخاتمة لجميع البشر

واكدت المحكمة  انه بات من الاصول العامة  الخالدة ما بقيت الحياة قائمة ان طبيعة الشريعة الاسلامية تقتضى ان يظل باب الاجتهاد فيها مفتوحا لا يوصد بحسبان انها الشريعة الخاتمة لجميع البشر وهو ما يتصل بتجديد الخطاب الدينى , وبمراعاة انها صالحة للتطبيق فى كل زمان ومكان وفى اى مجتمع , لكونها المنظمة لعلاقات الناس ومعاملاتهم فى شتى مناحى الحياة وعلاقتهم جميعا بالخالق سبحانه وتعالى لذلك

  فكان لزاما ان تحمل خاصية بيان الاحكام الشرعية لكافة مستجدات الحياة فى جميع جوانبها , وهكذا تظل حاجة اتباعها الى الاجتهاد قائمة باستمرار لتساير مستجدات العصر فيصبح الخطاب الدينى متجددا يافعا معبرا عن كل بيئة مهما اختلفت الاوطان .

 مفاجأة  المشرع الوضعى لم يضع تعريفا للمجتهد , وهناك فراغا تشريعيا – وليس شرعيا – وعلى المشرع ايجاد تنظيم تشريعى عاجل متكامل  لعملية الافتاء فى المجتمع المصرى 

وفجرت المحكمة مفاجأة من العيار الثقيل  ان المشرع الوضعى لم يضع تعريفا للمجتهد , كما ان هناك فراغا تشريعيا – وليس شرعيا – بشأن ايجاد تنظيم تشريعى متكامل لعملية الافتاء فى المجتمع المصرى وهو ما يسبب مشكلات جمة – باستثناء ما تقوم به دار الافتاء المصرية – فظل الافتاء ليس حكرا على احد , فكل مسلم بلغ فى علوم الشريعة الاسلامية مبلغ التخصص وتوافرت فى حقه اهلية الاجتهاد من حقه الفتوى , اما من يتصدى للفتوى من غير المتخصصين او ممن ينقصهم اتقان التخصص فانه ليس بأهل للفتوى ولا يجوز له ذلك ,  الا ان علماء الامة قديما وحديثا تواترت اراؤهم على وجوب توافر مواصفات محددة فى المجتهد الذى يجوز له ان يفتى للناس فى امور دينهم ودنياهم , ونهى غير المتخصصين الذين لا تتوافر فى شأنهم اهلية الاجتهاد او ممن ينقصهم اتقان التخصص عن التجرؤ على الاجتهاد والافتاء بدون علم , لما يترتب على ذلك من مأس دينية ودنيوية او الاساءة الى الاسلام وتشويه صورة المسلمين بين مختلف الشعوب , وتأسيا بمسلك كبار الفقهاء الاوائل الذين اسسوا مدارس فقهية لها مناهجها العلمية فكانوا يتحرجون من الفتوى على عكس الامر الحاصل الان من تجرؤ غير المتخصصين على الافتاء الذين يجب عليهم الابتعاد عن دائرة الاجتهاد , حتى لا يصعب الامر على المتلقى فى اختيار من يتلقى منه الفتاوى , كما نادوا بأن يقتصر الافتاء على العلماء الثقات الذين يجيدون الغوص فى بحر الاجتهاد المتلاطمة امواجه القادرين على استنباط الحكم الشرعى المؤسس على فقه سليم , وبحت اصواتهم عن مدى حاجة المسلمين فى كل مكان الى الافتاء السليم الذى يربط بين العقيدة الصحيحة ومستجدات العصر فى ظل الثورة العلمية التكنولوجية وما افرزته من قضايا مستجدة , وانه عندما تقدمت العلوم وتنوعت التخصصات فان المسألة التى تتعدد فيها وجهات النظر وتختلف فيها الرؤى تكون بحاجة الى نظر جماعى , اى الاجتهاد الجماعى لا الاجتهاد الفردى , تأسيسا على ان المسألة الواحدة التى تنازعتها فتويان فان الامر يقتضى ترجيح واختيار الفتوى الاصوب والارجح , وكل هذه الاقوال صارت من باب العلم العام , فالمسائل الخلافية التى تتعدد فيها اراء العلماء لا يجوز ان ينفرد بالافتاء فيها فقيه واحد , فيكون الاجتهاد الجماعى هو السبيل الوحيد للافتاء فيها للعامة لترجيح واختيار الفتوى الاصوب والارجح , فليس كل ما يعلم بين العلماء المتخصصين يقال للعامة والا احدثوا فتنة واثارة للبلبلة وعدم استقرار المجتمع الدينى .

مصر  استوت على قمة العالمين العربى والاسلامى , بحضارة تليدة وموروث ثقافة جعلت منها الدولة القائدة , وتعبير شعبها المعطاء – وقضاؤها جزء من هذا الشعب – عن مكنونه فى مسألة مصيرية تتعلق بالمخاطر التى تحاك للامة العربية والاسلامية والارهاب بات امرا لازما

واستطردت المحكمة  انه لما كانت مصر قد استوت على قمة العالمين العربى والاسلامى , ليس فقط بكثافة سكانها وموقعها المتميز , وانما بحضارة تليدة وموروث ثقافة جعلت منها فى ثورات العرب وحروبهم وبانتصاراتهم , الدولة القائدة , وفى ميدان السلام والتعاون العربى بين دول العالم الدولة الرائدة , فان تعبير شعبها المعطاء – وقضاؤها جزء من هذا الشعب – عن مكنونه فى مسألة مصيرية تتعلق بالمخاطر التى تحاك للامة العربية والاسلامية والارهاب الموجه لمصر او احدى البلاد العربية والاسلامية بات امرا لازما ليتشارك مع الموقف الرسمى للدولة  فى نبذ كل عدوان او تهديد به , ينال مصر او احد الشعوب العربية , وهو موقف مسبوق من مصر العربية فى قريب المشكلات العربية وبعيدها , غاية الامر ولزومه التزاما قانونيا على علماء وزارة الاوقاف والازهر الشريف استنهاض الهمم لاتباع اساليب غير تقليدية لتجديد الخطاب الدينى بما يعبر عن اصالة هذا الشعب العظيم ودوره التاريخى فى الدفاع عن امته العربية والاسلامية بما يكفل لها القيادة والريادة فى مواجهة احلك الظروف التى تمر بها الامة , نتيجة استغلال الدين فى غير مقاصده والمفاهيم المغلوطة لاعداء الدين , انحرافا عما فيه من سماحة وقيم ويسر ووسطية تكفل له الخلود حتى يأذن الله فى امر كان مفعولا .

  المحكمة تحدد 9  اساليب واليات تجديد الخطاب الدينى التى يتعين انتهاجها فى العصر الحديث لمواجهة ظاهرة الارهاب والتى تحتاج لمعالجتها من علماء الدين 

وذكرت المحكمة  ان اساليب واليات تجديد الخطاب الدينى التى يتعين انتهاجها فى العصر الحديث لمواجهة ظاهرة الارهاب يجب  ان تجمع ولا تفرق , تبشر ولا تنفر , تصلح ولا تفسد , تيسر ولا تعسر , تصون ولا تبدد , وان يأتى على القمة من اولوياتها اهم تسع نقاط تالية تحتاج الى معالجتها من العلماء المتخصصين بوزارتى الاوقاف والازهر الشريف على النحو التالى : 

   اولا تجديد الخطاب الدينى يقوم على السلام والاسلام لا يعرف ما يسمى بالفريضة الغائبة فى تكفير المسلم وقتل البشر باسم الدين 

اولا : يجب ان يعتمد تجديد الخطاب الدينى على فكرة ان الاسلام يدعو الى السلام فى الارض , فالاسلام دين خير وسلام وليس دين عنف او عدوان , يقول الله تعالى : ” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ “ الاية 2 من سورة المائدة وقوله تعالى : “ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ” الاية 190 من سورة البقرة , كما ان الدعوة الى الله تكون بمواجهة الفكر بالفكر , بالحكمة والموعظة الحسنة وليس باستخدام العنف , فقال الله تعالى : “ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” الاية 125 من سورة النحل  . كما نهى عن الجدال مع اهل الكتاب – اليهود والنصارى –  فى قوله تعالى : “ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ” الاية 46 من سورة العنكبوت .

 مع ضرورة الاعتناء بمفاهيم جديدة لتجريم العدوان او التعدى على النفس البشرية او التعاون عليه ,ومواجهته وسد منابع امداده , والعمل على صد المعتدين ومعاقبتهم بالمثل , قال الله تعالى :” الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ” الاية 194 من سورة البقرة  , فالاسلام لا يعرف ما يسمى بالفريضة الغائبة فى تكفير المسلم وقتل البشر ,وينبغى ان يعتمد اسلوب التجديد على فكرتى الترغيب والترهيب وفكرة القصاص اساس كل عدل , كما يجب ان يشتمل خطاب التجديد ما يدعو الى الوحدة وليس الى التفرق , فالسلام حق لجميع البشرية ايا كانت دياناتهم  , قال الله تعالى : “ وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ” الاية 25 من سورة يونس , فالاسلام يدعو الى السلام الذى يؤخذ ضمن اطر العدل والمساواة والحرية لجميع المنتمين للاديان السماوية وليس للمسلمين فحسب .

  ثانيا تجديد الخطاب الدينى يقتصر على الفروع فحسب دون ثوابت الدين , والدين عقيدة لكل انسان وعلم قاصر على العلماء  واحتكارهم  لتجديد الخطاب الدينى لا يعنى انغلاقهم عن المجتمع , فلا قداسة فى الاسلام وانما بتفاعلهم مع المجتمع 

ثانيا : ان تجديد الخطاب الدينى يقتضى اعادة فهم النصوص على ضوء واقع الحياة وما تستحدثه البيئة المعاصرة بحيث تتناسب من روح التطور وهى سنة الحياة فلا تظل قابعة فى البيئة التى صدرت بها منذ 1436 عاما مع عدم المساس  بثوابت الدين نفسه من نصوص قطعية الثبوت وقطعية الدلالة , فيجب ان يكون اسلوب التجديد فى الفروع فحسب ليكون مواكبا للاحداث الجارية ومتأثرا بها , محددا ما هو حق منها , وهذا ما فعله الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب حينما اوقف حد السرقة فى عام المجاعة , بل ان الائمة الاربعة خاصة الامام الشافعى انتهجوا ذات نهج تجديد الخطاب الدينى وفقا للنوازل الجديدة  , فقد كانوا يفتون فى كل بلد حسب العرف السائد فى كل منها , فى اطار المبادئ العامة للشريعة الغراء وهو ما يعرف ” بفقه الواقع “ مما يدل على مرونة الشريعة الاسلامية ذاتها وصلاحيتها لكل زمان ومكان .

وينبغى التأكيد على جوهر المشكلة , ان الدين عقيدة وعلم , عقيدة لكل انسان فى قرارة ذاته وعلم لتبيان احكامه للناس خارج نطاق النفس ومنه يتفرع العديد من العلوم الشرعية , له مناهجه فى البحث واساليبه فى العرض وطرائقه فى الدراسة  وليس للعوام او غير المتخصصين او الجهلاء او المغرضين الافتاء فيه , على ان احتكار تجديد الخطاب الدينى بيد  العلماء المتخصصين فى علوم الدين بالازهر الشريف وعلماء الاوقاف , لا يعنى انغلاقهم عن المجتمع , فلا قداسة فى الاسلام , ولا عصمة لاحد الا للرسول الكريم فيما يبلغ به عن ربه , وقد شقى المسلمون بالفرقة سنوات طوال بسبب هذا الانغلاق ,كما انه لا يعنى فى ذات الوقت – وكما سلف – ان يتصدى للفتوى فى مجال التجديد من غير المتخصصين او ممن ينقصهم اتقان التخصص فانه ليس بأهل للفتوى ولا يجوز له ذلك ,  ذلك ان علماء الامة قديما وحديثا تواترت اراؤهم على وجوب توافر مواصفات محددة فى المجتهد الذى يجوز له ان يفتى للناس فى امور دينهم ودنياهم , ونهى غير المتخصصين الذين لا تتوافر فى شأنهم اهلية الاجتهاد او ممن ينقصهم اتقان التخصص عن التجرؤ على الاجتهاد والافتاء بدون علم , لما يترتب على ذلك من مأس دينية ودنيوية او الاساءة الى الاسلام وتشويه صورة المسلمين بين مختلف الشعوب , وانما يعنى انه يجب ان يكون قيام العلماء المتخصصين بتجديد الخطاب الدينى بتفاعلهم مع غيرهم من المهتمين بشئون الوطن والدعوة كاساتذة الجامعات والخبراء ومنظمات المجتمع المدنى ووسائل الاعلام المرئية والاذاعية والرقمية والصحافة واهل الفن الهادف البناء , القادرين على توصيل الفكر الوسطى المستنير فى اعمالهم الجديرة البناءة  لان هذه الوسائل هى الاكثر وصولا وتأثيرا فى نفوس وقلوب وعقول الناس , وهذا التفاعل الايجابى من شأنه دفع عجلة الحياة فى مصر كاملة غير منقوصة ,  ذلك ان تجديد الخطاب الدينى بهذا المفهوم اصبح ضرورة ذاتية وحياتية وشرعية وتنموية على درجة سواء .وهو ما يسهم فى توحيد الصفوف واطفاء الخصومات .

       ثالثا تجديد الخطاب الدينى يجب ان يعالج ” مفهوم الوطن ” فى ضوء ” حقيقة مفهوم ” الفكر السياسى الاسلامى ” وهما المعضلة الشائكة 

ثالثا : يجب ان يكون على القمة فى عناصر تجديد الخطاب الدينى كذلك معالجة مفهوم ” الوطن “ فى ضوء تحديد حقيقة مفهوم ” الفكر السياسى الاسلامى” وهما المعضلة الشائكة و المسألة المشكلة التى لا يهتدى لوجهها , للمخاطر التى تواجه الامة .

      رابعا تجديد الخطاب الدينى يجب ان يكون عالميا يتعدى حدود الاقطار الاسلامية والعربية , وعلى تلك الدول الاصطفاف مع مصر لمواجهة الارهاب لانه بلا وطن وحتى ينكشف للامة من اراد بها سوءا 

رابعا : ان تجديد الخطاب الدينى لا يجب ان يكون محصورا داخل الامة الاسلامية فحسب – ومصر قلب العالم الاسلامى – بل يتعين ان يتعدى حدود اقطارها الى خارجها وذلك هو الاهم , فتجديد ذلك الخطاب يقتضى ان يشتمل على عدة لغات وهو ما يتفق مع رسالة الاسلام العالمية وليست المحلية , ذلك ان الاصل الصحيح للخطاب الدينى الاسلامى ان يكون عالميا موجها للناس كافة , وليس للمسلمين فحسب , اعمالا لقوله سبحانه وتعالى عن رسوله الكريم حيث بعثه بالرسالة “ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ” الاية 107 من سورة الانبياء , ومن ثم فلا ينصرف التجديد الى مكان معين او لون او جنس او طائفة دون اخرى , بل  يجب ان يجوب العالم خاصة العالم الغربى الذى كان مستعمرا ومستعبدا للبلاد العربية والافريقية والاسلامية , فلا يستكين خطاب التجديد قابعا داخل اقطار الدول الاسلامية فحسب , وهو ما يقتضى  اعداد جيل من الدعاة يتقن اللغات الاجنبية وصولا لنشر الصورة الصحيحة للاسلام فى انحاء العالم

  ويجب الا يغيبن عن بال الامة الاسلامية والعربية  ان الجماعات التنظيمية المتطرفة ليست مارقة عن الدين فحسب بقدر ماهى فصائل ارهابية بنهج منظم تتخذ من الدين ستارا يلبسون به ارهابهم لصالح الصهيونية العالمية للاساءة الى الاسلام من ناحية , وكوسيلة مستجدة من اساليب الاستعمار عن طريق الوكالة لصالح بعض الدول الكبرى ذات الفكر الاستعمارى من ناحية اخرى , بعد ان اصبح الاستعمار بصورته التقليدية غير متناسب مع روح العصر , ولا مرية فى ان منادة الغرب للامة الاسلامية والعربية  بتجديد الخطاب الدينى فى القرن الماضى كان مبعثه الحفاظ على مصالحها فحسب ذلك ان بعض  الدول الغربية فى بداية القرن الحالى بدت فى التواصل فى خفية الظلام  مع فصيل الجمود والتطرف فى عديد من الاقطار الاسلامية بزعم تجديد الخطاب الدينى , وكشف التاريخ – وهو المعمل والمختبر لتجارب الانسانية – ان هذا التواصل كان لتحقيق ماربها وبسط هيمنتها وسيطرتها على المجتمعات النفطية العربية منذ عدة عقود , لاستغلال ثروات المسلمين , بحيث صارت هذه التنظيمات المتطرفة لا حد لها حتى مع بعض الدول الغربية التى هيأت لها الوجود وظنت انها وسيلتها المستجدة فى غزو ثروات تلك الاقطار , مما يتوجب فيه على الامة الاسلامية والعربية ان تتوحد وتعتصم بحبل الله وقوته فقال الله تعالى : “ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ” الاية 103 من سورة ال عمران .

 والحق انه ان لم تتحد الدول الاسلامية والعربية خاصة الخليجية منها مع مصر فى العمل على تجديد الخطاب الدينى الصحيح والاصطفاف معها , فسوف ينالها لا محالة قدر من هذا التطرف والارهاب فهو بلا وطن , وحتى ينكشف للامة الاسلامية والعربية من يريد بها سوءا , ومن ينقلب على مصر فلن يضر الله بها شيئا . ويجب ان يكون مبعث اهتمام مصر من خلال علماء الاوقاف والازهر الشريف – وهى الرائدة فى العالم الاسلامى – فى الحفاظ على اصول الاسلام الوسطى المستنير مخاطبة البشر اجمعين , ومصر بذلك تؤرخ لدور عالمى وليس اقليميالانها تواجه بقوة وثبات

  وتضحية دعاة الارهاب والتطرف لحماية الانسانية جمعاء. وقيامها بذلك الدور اعمالا للمادة الاولى من  الدستور المصرى الذى نص على ان  الشعب المصرى جزء من الامة العربية يعمل على تكاملها ووحدتها ومصر جزء من العالم الاسلامى تنتمى الى القارة الافريقية وتعتز بامتدادها الاسيوى وتسهم فى بناء الحضارة الانسانية .

       خامسا تجديد الخطاب الدينى يجب ان يعتمد على الاعتدال ووسطة المنهج وهو ما يؤكده الاعجاز العددى للقران فى سورة البقرة 

خامسا : يجب ان يعتمد تجديد الخطاب الدينى على الاعتدال ووسطية المنهج دون افراط او تفريط ,اعمالا لقوله تعالى : ” وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً “ الاية 143 من سورة البقرة فمن الاعجازالعددى للقران ان تقع هذه الاية وسط سورة البقرة البالغ اياتها 286 للدلالة على توكيد منهج الوسطية فى الاسلام , كما يجب ان يكون تجديد الخطاب الدينى موافقا للقلوب وللعقول حتى اذا تلقته تلقفته بالارتياح والقبول , وان يتسم بالتنوع  لكافة فئات المجتمع فلا يقتصر على فئة دون اخرى , وان يكون رائده التيسير على العباد لا التعسير عليهم , بحيث يميل الى الابداع والخلق الجديد للمستجدات , وان يبتعد عن الركود والجمود , كما يجب ان يتسم بروح التسامح التى يشعها الاسلام التى تقتضى الاحترام والاجلال والتحاور مع اصحاب الاديان السماوية , فرسالة الاسلام للعالمين تتمثل فى الرحمة التى تحمى ولا تهدد وتصون ولا تبدد .

                             سادسا تجديد الخطاب الدينى يجب ان يقيم وزنا لشبكة المعلومات الدولية 

سادسا : يجب ان يتناول خطاب التجديد الدينى طريق الوصول عبر تكنولوجيا العصر , وان يقيم وزنا فى ادواته لشبكة المعلومات الدولية ” الانترنت” التى اضحت لغة العصر , لتوجيه كافة المجتمعات البشرية الى الحق والعدل والسلام , وبدون لغة العصر المشار اليها سيضيع جهد المخلصين والمجتهدين , اذ تواجه تربية النشء صعوبات جمة فى عصر العولمة , وتضاءلت دور الاسرة فى اصلاح الابناء , نتيجة التأثير السحرى لوسائل الاتصال المتطورة والكون الفضائى المفتوح .

 سابعا تجديد الخطاب الدينى يقتضى مواجهة الفكر بالفكر والازهر بيت العلماء وساحة التداول الفقهى بلا سلطة او قداسة والاوقاف
ديوان المعرفة وواحة الفكر ومركز تبليغ الناس باصول الدين الوسطى والعمود الفقرى القادرعلى ان ينهض بالقيام بمهمة التجديد على خير وجه

الرؤساء بدعوة رئيس مصر فى قمة شرم الشيخ ادركوا الخطر ونادوا ببذل الجهد للعمل على تجديد اساليب الخطاب الدينى لمواجهة دعاة الفكر المتطرف

سابعا : يقتضى تجديد الخطاب الدينى مواجهة الفكر بالفكر , خاصة الشباب , ذلك ان الواقع كشف عن ان هناك ثمة تقصير فى مناقشتهم واحتوائهم  , ولا مرية فى ان قادة الفكر الدينى الوسطى , يدركون انه يجب ان تكون اساليب التجديد للخطاب الدينى  مرتبطة ارتباطا وثيقا  بتطور الحياة ومنبثقة عن تعاليم الإسلام السمح ، ذلك ان التاريخ اثبت ان المذاهب الإسلامية المتشددة لم تستطع أن تخترق مصر على مر تاريخها , بسبب تشرب علمائها الاجلاء من منهج الاعتدال , وقد باتوا الان ملزمين  بمواجهة دعاة التكفير , وفى مضمار تعليم النشء روح التسامح والاعتدال  يجب اعادة النظر فى المناهج الأزهرية التى تعاقب عليها عدة انظمة متباينة بحيث تثير آفاق الطلاب نحو قبول الفكر الجديد والاختلاف , الامر الذى يحتاج إلى تعديل المنهجية الفكرية باعتماد برامج ومعايير جديدة تواكب روح العصر وتؤدى الى احياء التعليم الأزهرى الأصيل الذى يعمل على اعداد دعاة  يفيدون المجتمع فتتلقفهم وزارة الاوقاف وتكمل المسيرة باعداد الدعاة وفقا للخطط التى تنتهجها فى اساليب التجديد ,  فلا يجب ونحن فى القرن الحادى والعشرين استغلال جهل البسطاء لدى دعاة الفكر المتطرف فى ان تكون  الجنة والنار من المسائل التى تدخل فى تقدير العباد لانها علاقة خاصة بين العبد وربه لا يطلع عليها سوى علام الغيوب , فالجنة والنار ليست من صكوك الغفران المعقودة بيد البشر التى سادت الكنسية فى القرون الوسطى بل هى من اخص العلائق بين العبد وربه

ونظرا لخطورة ما تتعرض له الامة العربية والاسلامية من ارهاب نتيجة المفاهيم الخاطئة التى تبث فى نفوس الشباب وهو ما ادركته بالفعل القمة العربية التى عقدت بشرم الشيخوحرص رؤساؤها ومنهم رئيس مصر على المناداة ببذل الجهد للعمل على تجديد اساليب الخطاب الدينى لمواجهة دعاة الفكر المتطرف , والحق ان الازهر الشريف – كهيئة اسلامية علمية مستقلة – بعلمائه الثقات وبحسبانه المرجع الاساسى فى العلوم الدينية والشئون الاسلامية ومسئوليته عن الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم اجمع لقادر على تطوير وانتهاج خطة محكمة لمواجهة دعاة الفكر الارهابى المظلم وهو الحصن المنيع على مدار التاريخ لرد عدوان كل معتد اثيم على الاسلام , وبهذه المثابة لم يشأ المشرع

الدستورى ان يجعل الازهر الشريف ملكا لمصر فحسب بل للعالم الاسلامى بأسره ومن ثم صار بيت العلماء وساحة التداول الفقهى بلا سلطة او قداسة , كما ان وزارة الاوقاف القائمة بالاشراف على اخطر ما يتصل باحد اهم وسائل تجديد الخطاب الدينى على المساجد والزوايا بل وباعتبارها المسئولة عن النشاط الدعوى الدينى بصفة عامة فى العالم العربى والاسلامى بحسبان ان نشاطها لتبيان صحيح الدين ليس قاصرا على مصر فحسب , يقوم على قيادتها الحالية عقلية منهجية متجددة  تعمل على احياء التقاليد الراسخة والمتوارثة والتجديد فيها بما يلائم روح العصر لتقديم صحيح الدين بعلمائها اصحاب الفكر الوسطى المستنير الذين يحملون على اعناقهم حماية الدعوة الاسلامية الصحيحة فى المنطقة العربية والاسلامية فى العالم الاسلامى بأسره , وهى تمثل العمود الفقرى القادرعلى ان ينهض بالقيام بمهمة التجديد على خير وجه , فاضحت ديوانا للمعرفة وواحة للفكر ومركزا لتبليغ الناس باصول الدين الوسطى , واية ذلك ما كشفت عنه الدعوى الماثلة من جهد وعمل اذ بدأت وزارة الاوقاف بقيادتها الحالية بالفعل باتباع اساليب مستجدة تناسب روح العصر – لم تألفها من قبل – واهمها ما سعت اليه مع بعض البلاد العربية والاسلامية الشقيقة الى توحيد الخطبة الذى انضمت اليها بعض تلك البلاد لمواجهة الفكر المتشدد من ذوى الصبغة الاثمة عالميا , ومنها كذلك المؤتمرات العلمية التى يساهم فيها علماؤها فى البحث الدائب عن اساليب تجديد الخطاب الدينى واهمها المؤتمر الوطنى العام الذى اعلنت عن انعقاده فى مايو المقبل بعد انعقاد القمة العربية بشرم الشيخ ليشارك فيه الخبراء والمتخصصين والمفكرين والتربويين والاعلاميين من مصر وكافة البلاد العربية والاسلامية الشقيقة ليتدارسون ويبحثون عن اليات تجديد الخطاب الدينى , ومازال امامها الكثير من انتهاج الطرق غير التقليدية التى تواكب ركب التقدم العلمى ونوازل العصر لمواجهة دعاة التطرف مما يقتضى منها الاستمرار فى بذل غاية جهدها لتصبح قطوفها دانية  .

                  ثامنا تجديد الخطاب الدينى يعتمد على ان الدين ليس للعبادة فحسب وانما المعاملة فالامة الاسلامية عانت من التخلف الحضارى   بسبب الاستقطاب المذهبى المتنافر .  

 ثامنا : تجديد الخطاب الدينى يجب ان يعتمد على ان الدين ليس للعبادة فحسب وانما الدين يرتبط بالمعاملة ويتصل بالحياة الدنيا كارتباطه بالاخرة , اعمالا لقوله تعالى : “ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ “ الاية 77 من سورة القصص , فالدين المعاملة من مكارم الاخلاق والامانة والصدق , ويجب ان يتناول تجديد الخطاب الدينى كافة مظاهر الحياة , فى المجالات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية والحضارية , وهذا هو الفهم الصائب المتصل بطبيعة الدين الاسلامى وقدرته الروحية العجيبة على الخلود والخلق والابداع والابتكار والتعايش , فقد عانت الامة الاسلامية من التخلف الحضارى بسبب الاستقطاب المذهبى المتنافر .

                 تاسعا تجديد الخطاب الدينى فى الفكر المرتبط بتطور الحياة وليس فى الدين ذاته فلن تجد لسنة الله تبديلا 

تاسعا : التأكيد على ان  حقيقة تجديد الخطاب الدينى ليست تجديدا للدين ذاته ,حاشا لله , فلن تجد لسنة الله تبديلا اعمالا لقول الحق : “ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ” الاية 23 سورة الفتح , وانما التجديد فى الفكر نفسه , لان الفكر يرتبط بمستجدات الحياة , والحياة بطبيعتها تتطور بتتطور الازمة والامكنة ,فكان طبيعيا ان يتطور الفكر حتى يتلاءم مع الحياة , فضلا عن ان التجديد يكون قاصرا على الفروع فقط دون ثوابت الشرع الاسلامى المقررة بأدلته قطعية الثبوت والدلالة والتى تشمل الاصول والمبادئ او الاعتقاد .

 وذكرت المحكمة  ان المقرر شرعا  ان الاجتهاد – باعتباره احدى وسائل تجديد الخطاب الدينى – امر ثابت فى الشريعة الاسلامية بل يعد احد مصادرها , كما تعتبر المذاهب الفقهية نتاج هذا المصدر , واختلاف فتاوى الفقهاء فى المسألة الواحدة يعد ابرز شكل من اشكال الاجتهاد , وبمراعاة ان نطاق هذا الاختلاف يقتصر على الفروع فقط دون ثوابت الشرع الاسلامى المقررة بأدلة قطعية والتى تشمل الاصول والمبادئ او الاعتقاد , ويعد الاختلاف بين المذاهب الفقهية – كما قيل بحق – رحمة ويسرا باتباع الدين الاسلامى , وفى ذات الوقت تعتبر ثروة تشريعية كبرى محل اعتزاز وفخار الحضارة الاسلامية , ومنبع الاختلاف فى استنباط الاحكام يرجع الى تفاوت قدرات العقول البشرية والافكار فى فهم وادراك اسرار التشريع وعلل الاحكام الشرعية وانعكس ذلك فى فتاويهم التى حوتها كتبهم واقولهم وكشفت عن الرؤى المختلفة بينهم بسبب تعدد مداركهم وتنوع مشاربهم  , لذا قيل بحق : ” من لم يعرف اختلاف الفقهاء لم يشم رائحة الفقه ” ومن ثم فان فتاوى الفقهاء لا تعدو ان تكون مجرد اراء اجتهادية متفاوتة فى درجات الترجيح بين راجح ومرجوح , ولا تلزم الا صاحبها , وغير ملزمة للغير بحسب الاصل ويجوز لقائلها الرجوع عنها الى رأى فقهى اخر .

واكدت المحكمة ان تجديد الخطاب الدينى ليس تجديدا للدين – كما يفهم البعض خطأ – , فلن تجد لسنة الله تبديلا , اعمالا لقول الحق جل شأنه :

“ سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ” الاية 23 سورة الفتح , وانما التجديد فى الفكر ذاته , لان الفكر يرتبط بمستجدات الحياة , والحياة بطبيعتها تتطور بتتطور الازمة والامكنة , فكان طبيعيا ان يتطور الفكر حتى يتلاءم مع الحياة , فضلا عن ان التجديد يكون قاصرا على الفروع فقط دون ثوابت الشرع الاسلامى المقررة بأدلة قطعية والتى تشمل الاصول والمبادئ او الاعتقاد على نحو ما سلف .

 خطبة الوداع اول وثيقة وضعت المبادئ السامية التى يجب ان يدور الخطاب الدينى فى فلكها والتى حددت المصالح المعتبرة التى يحميها الشرع 

واشارت المحكمة الى ان اول وثيقة وضعت المبادئ السامية التى يجب ان يدور الخطاب الدينى فى فلكها والتى حددت المصالح المعتبرة التى يحميها الشرع وهى حفظ النفس وحفظ الدين وحفظ العرض وحفظ المال وحفظ العقل ألقاها الرسول صلى الله عليه وسلم سنة 10 هجرية في حجة الوداع يوم عرفة من جبل الرحمة وقد نزل فيه الوحى مبشراً أنه ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام ديناً”   بقوله صلى الله عليه وسلم “ أما بعد أيها الناس اسمعوا منى أبين لكم فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا فى موقفى هذا.أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا – ألا هل بلغت اللهم فاشهد”—-
” أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرئ مال لأخيه إلا عن طيب نفس منه – ألا هل بلغت اللهم فاشهد.
– فلا ترجعن بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ، فإنى قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه، ألا هل بلغت اللهم فاشهد—-.”
” أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله اتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى , ألا هل بلغت….اللهم فاشهد قالوا نعم – قال فليبلغ الشاهد الغائب. ” وهى مصالح معتبرة تبرز روح التسامح فى الاسلام .

على علماء الدين تجديد الثقافة الاسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب واثار التعصب الدينى الذى ينتج عنه الانحراف فى الفكر المذهبى 

                                           والسياسى , وابراز تجليات جوهر الدين الاصيل الخالص 

واضافت  المحكمة   ان  وزارة الاوقاف والازهر الشريف عن طريق الاجهزة العلمية المتخصصة ومنها مجمع البحوث الاسلامية ملزمين بالعمل على تجديد الثقافة الاسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب واثار التعصب الدينى الذى ينتج عنه الانحراف فى الفكر المذهبى والسياسى , وابراز تجليات جوهر الدين الاصيل الخالص وتوسيع نطاق العلم بها لكل مستوى وفى كل بيئة , وبيان الرأى فيما يجد من مشكلات مذهبية او اجتماعية تتعلق بالعقيدة , وحمل تبعة الدعوة الى سبيل الله بالحكمة الموعظة الحسنة , كل ذلك عن طريق العلماء والمفكرين المتخصصين باتباع المنهج العلمى فى التنقيب والبحث والاختيار والتصدى للدراسات الزائفة ودعاة الفكر المنحرف وتفسيراته الخاطئة ضد الدين والرد على الافتراءات والشبهات والاباطيل وتوضيح الحقائق .

   لا قداسة فى الاسلام وعبء نشر الدعوة الاسلامية قاسم مشترك بين الاوقاف والازهر ودورهما يتكاملان ولا يتنافران 


وقالت المحكمة انه اذا  كان المشرع الدستورى  جعل من الازهر الشريف هيئة اسلامية علمية مستقلة وجعله  لمرجع الاساسى فى العلوم الدينية والشئون الاسلامية , واناط به مهمة مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم مما يؤكد عالمية رسالة الازهر , فذلك يعنى  انه لا قداسة فى الاسلام , ولا عصمة لاحد الا للرسول الكريم فيما يبلغ به عن ربه , والحق انه ليس بالازهر الشريف وحده يقع عبء نشر الدعوة الاسلامية  , بل يشاطره فى ذلك بدور جوهرى وفعال وزارة الاوقاف , وان لم ينص على ذلك الدستور المصرى , بخلاف الدساتير العربية , التى اناطت بمهمة نشر الدعوة لوزارة الاوقاف وحدها بتلك البلاد , وذلك  نظرا لعدم وجود الازهر الشريف بتلك  الدول , والذى تنفرد به مصر دون العالم , فكان طبيعيا ان يفرد المشرع الدستورى للازهر الشريف نصا خاصا دون ان يوازيه نص دستورى اخر فى تنظيم العمل الدعوى لوزارة الاوقاف فتنجلى بذلك غمة ما يمكن نسبته من خلل دستورى  وان كان المشرع الدستورى ذاته قد تناول التزام الدولة بتشجيع  نظام الوقف الخيرى لاقامة ورعاية المؤسسات العلمية والثقافية والصحية والاجتماعية وغيرها , وتضمن استقلاله وهى التى تقوم عليها وزارة الاوقاف .

واكدت المحكمة ان أية هذا النظر السديد بشأن اشتراك الازهر الشريف ووزارة الاوقاف فى نشر النشاط الدعوى للاسلام المستنير دون ان يستأثر به احدهما دون الاخر , ان المشرع اناط باصدار التصريح بممارسة الخطابة بقرارمن شيخ الازهر أو وزير الاوقاف حسب الاحوال بما يعنى ان دورهما يتكاملان ولا يتنافران , بل اناط بوزير الاوقاف بقرار منه الترخيص بممارسة الخطابة لغير المعينين المتخصصين بوزارة الاوقاف والوعاظ بالازهر الشريف المصرح لهم بممارسة الخطابة وفقا للضوابط والشروط التى يصدر بها قرار من وزير الاوقاف ذاته او من يفوضه فى ذلك , فكان ذلك دليلا على ان نشر الدعوة الاسلامية المستنيرة قاسما مشتركا بين الازهر ووزارة الاوقاف التى هى من اقدم الدواوين فى تاريخ مصر بما لها من تقاليد راسخة ومتوارثة حيث تولى مسئوليتها حتى الان عظماء على مدار التاريخ  من اصحاب الفكر الوسطى المستنير الذين حملوا على اعناقهم حماية الدعوة الاسلامية الصحيحة فى المنطقة العربية والاسلامية فى العالم الاسلامى بأسره , بالتعاون مع الازهر الشريف

بجلاله وقدره وعظمة ادائه , ومؤدى ذلك ولازمه انه اذا كان الازهر الشريف هو الهيئة الاسلامية العلمية التى تعمل على اعداد جيل جديد فى الدراسة والبحث والتحصيل للحصول على الشهادات الازهرية من كليات جامعة الازهر المختلفة , فان وزارة الاوقاف هى المؤسسة العملية الدعوية التربوية التى تعمل على اعداد الدعاة بعد تخرجهم من تحصيل الدراسة الى واقع الحياة العملية وتأصيل الخبرة اللازمة لديهم , بحيث اضحى الازهر والاوقاف كلاهما جناحى الرحى فى نشر اصول الدين الوسطى الصحيح .

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »